المرَاهَقة مرحلة حرجة بالنسبة لكثيرمن الفتيات فهي قنطرة قد تعبرها الفتاة بسلام حتى تصل إلى بر الأمان أو قد تهب ريح تفقدها توازنها فتسقط في نهر المغريات فتجني على نفسها و على والديها اللذان تتقطع قلوبهم حبا لابنتهم التي لا يزالون يرون فيها الطفلة البريئة و ملامح الصغر مرسومة على وجهها . في هذا المقال سنحاول جاهدين كي نقدم لكل أم نصائح قيمة تجعلها تأخذ بيد بنتها إلى بر الأمان فخير وسيلة هي أن تكوني لابنتك الرفيقة و الصديقة قبل أن تكوني أما كوني لها أمينة السر ،أمِّنيها على نفسها و اجعليها تضع رأسها على ركبتيك و تنطلق في سرد ما بجعبتها من حكايات مُرَاهقة لا تخطئيها و لا تعنفيها ،إن أحبت لا تُجَّرمي فعلها بل اجعلي مشاعرها تمشي وفق منهج سليم و لك في رسولنا الكريم أسوة حسنة فإن المتأمل في سيرة حبيبنا المصطفى يجد فيها منهج حياة لا يستغني عنه أي أحد من العالمين ففي نصحه رفق و في دعوته حكمة حتى مع العصاة و هذه قصة الشاب الذي جاءه طالبا أن يأذن له في الزنا. عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء) رواه أحمد . وفي رواية أخرى: وقال: (اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن شيء أبغض إليه منه – الزنا -) . كوني لينة الجانب فإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف لكن في الآن ذاته لا بد أن تجعلي من هيبة الأب خدمة لصالحكي و قبل هذا و ذاك اجعليها منذ الصغر تستشعر مراقبة الله لها فإن تربت هذه الصغيرة على الخوف من رقابة الوالدين عصت أمركما متى ما توارت عن أنظاركم لكن إن زرعت في قلبها فتيلة مراقبة الله و أن نظره في كل مكان فلن تعصي له أمرا بإذن الله ،غير أنه هناك كثير من الأخطاء يربي الوالدين أبناءهما عليها كأن يجعلوا من الله مصدر تخويف فينشأ الأولاد في الخوف أكثر من الحب . اجعليها تحب الله و تستشعر نعمه ،علميها شكره و شكر من أحسن إليها، عرفيها بقيمتها عندك و عند والدها و عند الله ،قولي لها أنت يا ابنتي – غالية – فلا ترخصي نفسك لكل رخيص . لا تتركي لابنتك أوقات فراغ يتسلل فيها الشيطان إلى فكرها ،اجعلي لها برنامج فيه رياضة ،حفظ قرآن ،دروس لغة ،نزهة رفقة العائلة ،جلسة أسرية ، فالنفس متى ما شغلت بالحق لم تفكر بالباطل . اعلمي أيتها الأم أن أبناءكي هم حياتك فلا تجعلي الصديقات و العمل على قائمة أولوياتك و تهملي ابنتك المراهقة حتى تستيقظي يوما على خبر مفاده أن ابنتك سقطت ضحية لشاب فاجر أو ذئب غادر. لا تبالغي في تدليلها و علميها أن الحب عطاء و ليس أخذ فلا تربطي الحب عندها بالمادة فتنشأ على حب المال و الاستغلال ، و ليكن بينك و بين الأب توافق على منهج التربية الذي ستنهجونه حيث يعتبر تدخل الأب في تربية البنات أحيانا غير إيجابي بالنسبة للأم، خصوصا إذا كان هذا الأب ميسورا و يشغله عمله عن المكوث رفقة أولاده؛ فيكون التعويض بالنسبة لعدم تواجده معهم هو التعويض المادي .حيث تلبى كل الرغبات دون قيد أو شرط و كما يظهر في مجتمعنا فلهذا التدليل آثار سليبة على المراهقة أولا و على صديقاتها ثانيا، فمن كانت مشددة عليها رقابة والديها ،تجد في هذه الصديقة ملاذا لتلبية رغباتها من خروج و سهر. و ليس في الحسبان الجانب المادي فالأُولَى قد توفر لها ما يكفيها من المال ، و في الجانب المعاكس يكون تدخل بعض الآباء في تربية بناتهن له تأثير إيجابي؛ بحيث أن بعض الفتيات لا يكثرتن لنصائح أمهاتهن و لا يُعرن كلامهن أي اهتمام و بعد أن تَكَّل الأم من تقويم سلوك ابنتها الطائش تلجأ إلى مساعدة الأب فتتغير بتدخله الأمور ففي غالب الأحيان يكون للأب هيبة في قلوب أبنائه يجب على الأم استغلالها من جانب الاحترام لكيان الأب لا من جانب التخويف . و أفضل سبيل لك أيتها الأم كي تساعدي ابنتك المراهقة لتَخطي هذه المرحلة هو أن تفوضي أمرك لله أولا و أخيرا فصلاح الأبناء من صلاح الآباء قال تعالى { وَ كانَ أبُوهُما صَالِحا }. كما يجب عليك أن تكوني لهم القدوة فلا تنهي بنتك عن شيء و تأتي مثله و لا يفتر لسانك عن قول { رَب اجْعلنِي مُقيمَ الصلاةِ وَ من ذُريتي رَبنا و تقبل دُعاء } .
بقلم أم يحيى