“العالم بات شاشة مصغرة”. هذه الجملة تعكس واقعنا الذي نعيشه، فمن دون شكل تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا هذا إلى واقع لا يمكن الهروب منه، حيث فرضت وجودها بقوة خصوصا في العالم العربي. وبما أن للعرب والمسلمين خصوصية واضحة المعالم، وجب أخذ الحيطة والحذر من هذه “الثورة” التكنولوجية، كي لا تتفكك علاقاتنا ومشاعرنا الاجتماعية الحقيقية التي لا نجدها في “الفضاء الأزرق”.
وسائل التواصل الاجتماعي.. سيف ذو حدين
“بالرغم مما تحمله شبكات التواصل الاجتماعي من إيجابيات لا يمكن أن ينكرها أحد على هذه البسيطة، إلا أنها تحمل بين ثناياها مخاطر عدة صعب أن يُغض الطرف عنها”. يقول الشيخ محمد الفيزازي، في تصريح خاص لموقع “لأجلك”، والذي استطرد قائلا: “وسائل التواصل الاجتماعي، هي بمثابة سيف ذو حدين، فهي وسيلة خير ناجعة لصلة الأرحام، وهي من الأشياء التي أوصى الله عز وجل وحذر من قطعها. هي أيضا وسيلة للتواصل بالصوت والصورة عبر تكنولوجيا أقرب إلى الحقيقة تكاد أن تكون بالمجان”.
وزاد الفيزازي موضحا، “وسائل التواصل الاجتماعي، هي منصة استراتيجية للدعوة إلى الله عز وجل، والتي تعتبر من الواجبات الشرعية مصداقا لقوله تعالى: قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”.
وأردف الشيخ الفيزازي، في تصريح خاص لموقع “لأجلك”، الشبكات الاجتماعية هي من الوسائل الرائعة لنشر الخير والفقه الإسلامي، والدعوة إلى الإحسان، والتماسك الاجتماعي بطريقة أسرع، ناهيك لطلب العلم، والبحث العلمي، كما يمكن توظيفها في البيع والتجارة الحلال. فبكل تأكيد يضيف المتحدث، “لابد أن هذا الخير فيه من الخطر ما فيه، بحيث كما ندعو نحن إلى الإسلام، هناك من يدعو إلى الجريمة والنصب والإرهاب والفساد والانحلال الأخلاقي، وهنا وجب على الأب والأم أن يتدخلا لحماية أبنائهم من سيف ناعم يهدد رقابهم”.
واعتبر الفيزازي، أن سوء استعمال هذه الشبكات الاجتماعية، يولد خطرًا حقيقيا على الشباب والمراهقين، نظرا لحساسية هذه الفترة من عمر أي إنسان، وبالتالي “على الأسرة أن تقوم بترشيد وتحصين أبنائها، إذ لا يجب أن نحرمهم منها بشكل نهائي، بل نجعلهم يقومون بإطلالة من حين لآخر على هذه المواقع، كي لا يقع نوع من الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، ويجب على رب الأسرة أن يحرص على معرفة المواقع التي يلجها أولاده، وهو شيء ضروري لتربية الأبناء بطريقة سليمة وتوجيهه لما فيه مصلحة خير، وأيضا كي لا تتحول هذه النعمة إلى نقمة”.
هل هو غزو ثقافي؟
حذر الشيخ محمد الفيزازي، من وقوع المواطن العربي في فخ الغزو الثقافي الفكري بسبب عشرات الساعات التي يقضيها يوميا أمام شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن هناك مخططات غربية ومؤامرات تستهدف الأسرة العربية لتفككها بما يسمح بإضعاف النسيج المجتمعي الدافئ، الذي كان يمثل عصب المجتمع العربي قديما، كما أن قضاء ساعات طوال أمام هذه الشبكات يؤدي إلى أمراض نفسية وجسدية بحسب مجموعة من الدراسات الأجنبية.
فتراجع مستوى الوعي لدى المواطن العربي، ربما هو السبب الذي جعله لقمة مستساغة في فم المتربصين بالأمة، حيث يتم بث السموم الفكرية والعقدية بما يؤثر على البنيان الفكري العربي السوي.