عناد الأطفال مشكلة ترفع ضغط الوالدين على حد سواء فكثيرا ما يُصدم بعض الآباء والأمّهات بواقع يصفونه ب(تمرّد الأطفال)، وعدم الإنصياع لأوامرهم، فلا تخلو جلسة نسائيّة تقريبا من الأمّهات إلاّ و فيها شكوى من عناد أولادهنّ و سلوكهم غير المقبول، هذا العناد يبدو متفاوتا، و بردود فعل متباينة.
أغلب صفات الطفل العنيد هي العصبيّة و المجازفة و عدم الخوف من أي شيء يخاف من شيء، و تفاقم هذه المشكلة يصل لحد عدم الإحترام للوالدين أو أي شخص فهو لا، يجادل في كلّ صغيرة وكبيرة ، ولا يتجاوب معنا بشيء لا يريده، وإن وبّخته يردّ علي كلّ كلمة بكلمة وإن تكلّمت معه بصوت عال تركني وغادر، يجيد الردّ المناسب الذي يمكنه أن يثير الأعصاب إلى أبعد الحدود، لو أخطأ من المستحيل أن يعتذر ولو قاطعته يوما يتابع حياته وكأنّ شيئا لم يكن.
سلوك التمرّد
أكّد الدكتور محمّد المهدي استشاري الطبّ النفسي أنّه كان يعتقد خطأ أنّ (التمرّد) سلوك يبدأ مع سنّ المراهقة رغبة في الاستقلال وإثباتا الإرادة و الحرّية، إذ أثبتت الدراسات الأعمق و الأحدث أنّ التمرّد يبدأ مع النصف الثاني من السنة الثانية من العمر أي عند (18 شهرا)، حيث يشعر الطفل في هذه السنّ أنّه يستطيع الحركة و الإمساك بالأشياء، هنا تبدأ الرغبة في التخلّص شيئا فشيئا من سيطرة الأمّ، فيحاول أن يأكل بنفسه و يكسر أوامر الأمّ التي تحاول إطعامه خوفا من توسيخ الأرض أو ملابسه، و يبدأ ما يعرف ب(صراع الملعقة).
وبين المهدي أنّ عالم النفس (إيرك إيركسون)عرّف هذه المرحلة بمصطلح مهمّ وهو(الاستقلالية مقابل الشكّ و الخجل)، إذ يسعى إلى الاستقلاليّة و إثبات رغباته، فإذا ما قوبلت بقمع من الأم و فرض لقيودها فإنّ الطفل يشعر بالشكّ في نفسه و يزرع فيه الخوف، و يبدأ بخيار ثالث يقيه من الخجل و الخوف، إذ يبالغ في الإستقلاليّة دون خجل ولا خوف، و يشعر بالسعادة كلّما خالف أوامر والديه ونواهيهما.
أسباب تمرد الأطفال :
يعود تمرد الطفل و عناده إلى عدة أسباب منها نفسي و منها ما يصنعه الأهل من حوله حيث يلجأ الطفل إلى التمرد لإثبات نفسه و التأثير على الآخرين. أو في حال الغيرة من تواجد أطفال آخرين غيره مدللين أو مميزين من الأهل. أو يتمرد في حال اتباع الأهل لأسلوب ضرب الطفل للمعاقبة فإنه يتمرد و يتحداهم أكثر فأكثر.
علاج تمرد الاطفال :
قد يكون السلوك العنيد الذي ينهجه طفل هو نتيجة لما يشاهده على التلفاز والحاسوب من برامج أو مسلسلات كرتونية قد يكون بها مشاهد عنف و تمرد يتشبع بها الطفل لا إراديا لدى على الوالدين مراقبة ما يشاهده أطفالهم و اختيار ما هو سليم من هذه البرامج .
من الأشياء التي تساعد على تقويم سلوك الطفل أن يتعود على المساعدة في الأمور المنزلية من ترتيب لسريره أو تنطيف لغرفته حتى يتعلم تحمل المسؤولية منذ صغره. تحتوي المشروبات الغازية و الشوكلاتة على كميات كبيرة من السكريات التي تضاعف نشاط الطفل و تؤثر في تركيزه، الشيء الذي يستوجب التقليل من تناوله لها .في حال اصرار الطفل على تناول السكريات فيجب أن تكون صباحاً فقط إلى جانب الإكثار من الوجبات التي تحتوي على الخضار و الفواكه لأنها تمدهم بالفيتامينات اللازمة لنموهم وتشبعهم فلا يقومون بطلب السكريات و الحلوى.
في حال قام الطفل بارتكاب أي خطأ كضرب أخيه أو شتمه أو أي فعل متمرد آخر، فيجب اللجوء إلى عقاب يناسب عمر الطفل و عدم القيام بضربه بتاتاً لأن ذلك قد يفاقم المشكلة، فمثلاً حبس الطفل بغرفته لمدة زمنية صغيرة بعد تحذير الطفل بالتوقف عن الفعل والعدل 10 فإن لم يقم بالاعتذار عن الفعل الذي يقوم به فيحبس في غرفته. تشجيع الطفل و اعطائه الهدايا في حال قام بسلوكيات صحيحة و لم يفعل أي سلوك خاطئ ليوم كامل مثلاً .
إعطاء الطفل بعض لحظات من الحب والقبلات مع بضع همسات دافئة من النصائح بالنظر إلى عينيه قد تجعله يتغير بصورة كبيرة و يصبح مسالماً يستمع إلى توجيهات والديه بسهولة.
اللجوء إلى ممارسة الرياضة و تعويد الأطفال عليها لتفريغ الطاقة السلبية الموجودة و عدم استخدامها بصور أخرى غير صحيحة .
السعي إلى سيطرة الأهل على غضبهم و عصبيتهم فغالباً ما تكون سبباً في تفاقم المشكلة لدى الطفل و تحديهم حتى يصل الأهل إلى مرحلة الانهيار واستخدام العنف مع الطفل أو الاستسلام لتصرفات الطفل دون توبيخه و هو ما يهدف إليه الطفل بكل سرور.
أغلب الأطفال المتمردين يكونون في قمة الذكاء، فيجب على الأهل محاولة إستثمار ذكاء الطفل و توجيهه إلى الطريق الصحيح بتحبيبه في العلم أو حفظ القرآن و تحفيزه على ذلك.