عمل المرأة خارج البيت هو سيف ذو حدين و هذا راجع للتي تقبض هذا السّيف و هي المرأة فإن أحسنت هذه المرأة إمساك هذا السيف من الوسط و الموازنة في إمساكه لن يؤديها حدي السيف .
إن متطلبات الحياة المادية المعاصرة بالخصوص قد فرضت على المرأة أن تساعد زوجها و أن تكون بجانبه حتى لا تصبح عرضةً لتقلبات الحياة ، حيث أصبح الإعتماد عليها ضرورياً و موازياً لأهمية الرجل، مع العلم بأنها لم تهمل دورها كأم و مربية و منظمة لأكثر الشؤون الداخلية للمنزل.
لقد أخذت نسبة الأمهات العاملات ترتفع ي الآونة الأخيرة شيئاً فشيئاً،و على هذا الإرتفاع ليس من المنطق أن يكون القول الفصل هو منع عملها خارج البيت، و من هذا المنطلق فإننا نرى التصادم بين مفهومين:
ـ المفهوم الأول : يشجع المرأة الأم على العمل تحقيقا لذاتها و معاونة في ركب المجتمع .
ـ و المفهوم الثاني : يناهض عملها و يرى في ذلك ظاهرة جديدة و مخيفة تهدد الإستقرار العائلي و تفكك المجتمع .
في الحقيقة إن عمل المرأة الأم يُعتبر ظاهرة حديثة و قديمة في آن واحد، لأن المرأة كانت و ما تزال تعمل إلى جانب الرجل منذ سنين، فهي ركن من أركان هذا المجتمع و عليها تعبر الأجيال الصالحة شريطة أن تكون ناجحة في توفيقها بين عملها خارج البيت و داخله ، بحيث تسعى دائما أن يكون توازن بين الإثنين و تبقي اللحمة العائلية صلبة و متينة.
إن كل عمل خارج البيت ، مهما كان مريحا و مربحاً، تبطل أهميته في حال أثر بالسلب على الوضع العائلي العام، وعلى تربية الأولاد، فإهمال الأم لأولادها قد يشعرهم بأنهم غير محبوبين من قبلها و غير مرغوب بهم و أنهم حمل ثقيل عليها الشيء الذي يؤثر على مجرى حياتهم المدرسية و الإجتماعية و قد يدفع ببعضهم إلى , من: مخدرات و كحول و إلى مصاحبة رفاق السوء مما يغير مجرى حياتهم للأسوء .
كل أم لها الحق بالعمل، لكن عليها أن تدرس هذا الموضوع بجدية لمحاولة التوفيق بين عملها اليومي و جوها العائلي الذي لا يُسمح لها بإهماله خوفاً من حصول إنعكاسات سلبية خطيرة.
أما مسألة حق المرأة في العمل هي مسألة تتعلق فقط بالمرأة التي لها صلاحية الخيار، و لا يحق التدخل في شؤونها التي تعرفها تماماً، و التي من خلالها تستطيع تقرير مصيرها، بين البقاء في المنزل و العمل خارج المنزل.
على كل أم تعمل خارج البيت أن لا تصاب بخيبة الأمل و تبدأ بتأنيب ضميرها، و تعتقد بأنها مسؤولة عن كل ما يمكن أن يصيب طفلها من أمراض أو صدمات نفسية نتيجة عملها.
إن أكثر الأبحاث العلمية الحديثة قد برهنت عدم تأثير عمل الأم على تربيتها المنزلية، و عنايتها بأولادها، و تأمينها لعناصر الحب و الحنان . كما برهنت نجاح أكثرهن في التوفيق بين عملهن داخل و خارج المنزل.
و عليها في حال تصميمها على العمل أن لا تخاف على مستقبل أولادها، و أن لا تفكر في يوم من الأيام بأنهم سيصبحون مجرمين يتعاطون المحرمات، فكم من أم رعت أولادها بشكل سليم و مستمر دون أن يؤثر ذلك إيجاباً على عملية إصلاحهم، فكانوا خارجين عن القانون مجرمين يصعب ردعهم.
إن العلاقة المتينة التي تقوم بين الأم و أولادها، لا يمكن أن تتدهور و تنهار نتيجة عمل الأم، فمتانة العلاقة لا تقوم على عدد الساعات التي تقضيها الأم بجانب أطفالها ، بقدر ما تقوم على صدق و صحة تربيتها، و حبها لهم.
و يعتبر من الضروري اختيار العمل الذي يتلاءم و مهمة الأم الأساسية داخل المنزل العائلي، مما يسمح لها بتوفير سعادتها و سعادة الآخرين.
الأم التي تتمتع بالحنكة و الذكاء تختار ما يناسبها، بحيث لا يؤثر ذلك على قواها الجسدية و العصبية و من ثم على التوازن العائلي العام.
و لا ننسى حاجة المُجتمع للنساء في العديد من المجالات فنحتاج الطّبيبة و المُعلمة و المُربية و الخَياطة و غيرها من المهن التي لا تكتمل إلا بوجود المرأة .