الرهاب هو خوف زائد و غير مبرر و مستمر من شيء أو ظرف أو وضع حياتي معين و واضح لدى المريض المصاب بالرهاب و غالبا ما تصحب هذا الخوف رغبة ملحة في تجنب هذه الأشياء أو الأوضاع. و تعد أمراض الرهاب بشكل عام من أوسع الأمراض النفسية انتشارا فقد تصل نسبة انتشارها إلى 25% من الناس كما أشارت بعض الدراسات . و لها أشكال متعددة و درجات متفاوتة في الشدة و لكنها تشترك في عنصر الخوف الزائد و الغير مبرر من شيء ما. و تؤدي أمراض الرهاب لمضاعفات كالإكتئاب و العزلة و الإدمان بأشكاله خاصة إذا لم تعالج . و تعتبر من الأمراض النفسية المسببة للإعاقة وظيفيا و مهنيا و على مستوى المسئولية العائلية.
أعراض الرهاب الإجتماعي :
عندما يتعرض الشخص المصاب بالرهاب للشيء أو الوضع الذي يخاف منه فإنه يشعر بقلق شديد جدا قد يصل(وبالذات في بداية المرض) إلى نوبة (أو نوبات) هلع حادة. يحس المريض بأن الآخرين ينظرون إليه وقد تنتقدون أو يعلقون على شكله أو صوته أو هندامه أو مشيته كما قد يشعر المريض بأنه محط أنظار الآخرين جميعا بل يشعر المرض بتسارع ضربات القلب والارتباك واحمرار الوجه والتعرق الشديد ورغبة قوية للهروب من الوضع الاجتماعي(حفلة مثلا) الذي هو فيه. تسبب هذه الأعراض إحراجا كبيرا للمريض ويفقده الثقة في نفسه.
يصاحب هذه الأعراض و الحرج الذي تسببه للمريض من أوضاع أو مناسبات اجتماعية رغبة ملحة في تجنب كل الأنشطة الاجتماعية بشكل عام وقد يؤدي ذلك إلى عزلة المريض إلى حد ما.
قد يكون الوضع الاجتماعي الذي يخاف منه المريض واحدا (الأكل في المطاعم مثلا) أو متعددا (الكثير من الأنشطة الاجتماعية و المهنية كالخطابة و التدريس و الحفلات) و تزداد شدة المرض بشدة أعراض القلق أو تعدد الأوضاع التي يخشاها المريض. يشعر المرضى المصابون بالرهاب الاجتماعي بأن خوفهم زائد عن الحد و غير مبرر مما يخلق نوعا من الحيرة في نفوسهم و يجعلهم يضيقون ذرعا بالمرض فيصابون بالاكتئاب أو يهربون من هذه المخاوف بالعزلة أو معاقرة الخمور وسوء استعمال المهدئات أو المخدرات وفي بعض الحالات القليلة الإنتحار نسأل الله العفو و العافية ..
أعراض الرهاب الإجتماعي البارزة :
1) خوف زائد ومستمر من وضع أو نشاط اجتماعي معين.
2) نوبات هلع (قلق شديد جدا) عند التعرض لهذه الأوضاع وأحيانا عند تخيلها أو توقع حدوثها فقط.
3) يدرك المريض أن خوفه مبالغ فيه وغير مبرر.
4) يتجنب المصاب الأوضاع الاجتماعية المثيرة لمخاوفه.
5) تؤدي أعراض المرض للمعاناة الشديدة ولإعاقة أنشطة المريض الحياتية اليومية.
6) يجب ألا تكون أعراض المرض نتيجة مرض عضوي أو أدوية أو مواد مخدرة.
قد يبدأ الرهاب الاجتماعي (أو يربطه المريض) بحادثة اجتماعية بعينها حصلت له قبل بداية الأعراض مباشرة كموقف محرج جدا أمام عدد من الناس. بداية المرض تكون في غالب الحالات في سن مبكرة ويتخذ المرض المسار المزمن بالرغم من التحسن الكبير الذي يلحظه المريض عند علاجه وقدرته على العودة لسالف عهده مع الأنشطة الاجتماعية.
علاج الرّهاب الإجتماعي :
من أنجع العلاجات في حالات الرهاب الاجتماعي و بالذات العلاج السلوكي ومن أمثلة العلاج السلوكي هو أسلوب التعريض التدريجي. و يعتمد هذا الأسلوب على تعريض المريض و تدريبه على الاحتكاك بالناس والنشاطات الاجتماعية بشكل متدرج ويبدأ بالأوضاع أو الناس الأقل إثارة لمخاوفه و بأقل عدد منهم. فمثلا إذا كان يشعر بالحرج من الحديث مع عدد كبير من الناس أو مع الأغراب فإنه يبدأ بالحديث إلى الناس الذين يعرفهم بالهاتف ثم يزيد من دائرة احتكاكه بالناس تدريجيا و بشكل مباشر ومتدرج.
في كل مرحلة تدرجية يتعرض لها المريض ينصح بممارسة تمارين الاسترخاء التي تجعله يتحكم في نفسه وأعراض القلق في مثل هذه الأوضاع الاجتماعية المقلقة.
ينبغي أن يستغل المريض فترات التحسن مع العلاجات الدوائية لزيادة الثقة في نفسه وفي قدرته على السيطرة على الوضع وأن الرهاب الاجتماعي قابل للعلاج.
من الأساليب الأخرى في العلاج النفسي هي تمارين (التعريض بالتخيل) وذلك بأن يتخيل المريض الأوضاع الاجتماعية التي تثير قلقه والتي يتجنبها المريض حتى يتلاشى القلق وهذه التمارين تساعد المريض على التحكم في مخاوفه ومعظم أعراض القلق التي تحرجه عند التعرض للموقف المثير للرهاب على أرض الواقع.
قد يحتاج المريض لبعض التمارين الاجتماعية و محاولة إثبات الذات (حتى لو بدت هذه التمارين بسيطة) فمثلا يتعمد المريض سؤال شخص ما في الشارع عن اسم أو عنوان بمجرد أن يشك المريض أنه لا يعرف المكان المقصود بشكل دقيق. يحاول المريض الزيادة من هذه التمارين وتكرارها.
يستفيد المريض كثيرا من خلال القيام بما يشبه الواجبات المنزلية مثل عمل البروفات أو المشاهد الخيالية تدور حول كيف يجب أن يتصرف في حالة تعرضه لما يخيفه اجتماعيا.
إن تواصل المريض مع آخرين مصابين بالرهاب الاجتماعي يفيده كثيرا وخاصة تبادل الخبرات الشخصية في كيفية التغلب على الأعراض. وقد يتم ذلك بترتيب ما يسمى بجلسة العلاج الجماعي.
ملاحظات وتنبيهات مهمة: ما يجب الإحاطة به أن أفضل النتائج تحصل عند الجمع بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي أكثر مما يحصل عند استعمال أحدهما منفردا. كما يجب الحذر من قطع الأدوية والمتابعة مع الطبيب المعالج بمجرد حصول تحسن(حتى لو بشكل كامل) بل يجب الاستمرار حتى يوقف الطبيب العلاج تحت إشرافه.
قد يغري التحسن الكبير مع استعمال المطمئنات الصغرى المريض لطلب هذه الأدوية و صرفها من عدة مصادر و هذا ينطوي على خطر التعود على هذه الأدوية و لذا ننبه إلى ضرورة التقيد بتعليمات الطبيب بهذا الخصوص.