في جو مهيب، وُريت الثرى، يوم الاثنين ، بعد صلاتي الظهر والجنازة، جثامين الضحايا الذين قضوا في التدافع الذي وقع أول أمس الأحد بجماعة سيدي بولعلام بضواحي الصويرة، وذلك بحضور وفد رسمي موفد بتعليمات للملك محمد السادس.
وبهذه المناسبة، تليت آيات بينات من الذكر الحكيم على أرواح الضحايا، كما رفعت أكف الضراعة إلى العلي القدير، بأن يتغمدهم برحمته الواسعة ويسكنهم فسيح الجنان.
حادث التدافع الخطير الذي وقع بجماعة بولعلام ضواحي بإقليم الصويرة، أول أمس الأحد، خلف 15 شخصا لقوا مصرعهم، وأصيب خمسة آخرون بإصابات متفاوتة الخطورة، خلال عملية توزيع مساعدات غذائية نظمتها إحدى الجمعيات المحلية بالسوق الأسبوعي لجماعة سيدي بولعلام.
وانتقلت هذه الفاجعة إلى قبة البرلمان، يوم الاثنين، حيث عبّرت جل الفرق البرلمانية عن أسفها الشديد لما وقع، لكن الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة، أكبر كيان سياسي معارض في المغرب، طالب حكومة سعد الدين العثماني بتقديم استقالتها فورًا بسبب هذه الكارثة.
وقال عدي بوعرفة، البرلماني البارز في حزب الأصالة والمعاصرة داخل قبة البرلمان، أثناء جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة بمجلس النواب، مساء يوم الإثنين: “إن الحكومة هي المسؤولة عن هذه الفاجعة”، مشددًا على أن ما حدث “يُعد جريمة في حق الأمة، بالنظر إلى الضرر الجسيم الذي تسبب فيه الحادث”.
واعتبر المتحدث ذاته، أن فشل الحكومة في القيام بأدوارها الاجتماعية هو الذي دفع النسوة إلى البحث عن جهات أخرى تقدم لها الإعانة الاجتماعية، من قبيل المحسنين، خصوصًا وأن أغلب الضحايا من الأرامل والمطلقات.
من جانبه، أكد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (معارضة)، من خلال البرلماني علال العمراوي، أن فاجعة الصويرة، عنوان بارز لفشل حكومة سعد الدين العثماني وسياساتها الاجتماعية، وكذا برامج التنمية البشرية.
ونبه العمراوي إلى أن هذا الحادث يدق ناقوس الخطر، ويتطلب إعادة النظر في السياسات العمومية، من خلال إعادة توزيع الثروة توزيعًا عادلًا.
وبعد سخط الفرق البرلمانية على الحكومة، قال مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة: إن ما وقع بإقليم الصويرة “لا يعني فقط عائلات الشهيدات والضحايا والجرحى، بل هو أمر يعنينا جميعًا، ولا نتهرب من مسؤوليتنا السياسية”.
وأضاف الخلفي، في رده على أسئلة النواب البرلمانيين، بمجلس النواب، أن هذا الحادث “يفتح باب المسؤولية حول أوجه التقصير، وهل تم اتخاذ التدابير القبلية اللازمة، والتي من شأنها أن تضمن مرور عملية التوزيع في ظروف حسنة”.
تعليمات ملكية صارمة
وعلى إثر هذا الحادث، أعطى الملك محمد السادس تعليماته لرئيس الحكومة، ولوزير الداخلية، وللقطاعات المعنية، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية قصد التأطير الحازم لعمليات الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات على المعوزين.
وقال بلاغ للديوان الملكي، صدر يوم الاثنين المنصرم، على خلفية الفاجعة التي أسقطت أزيد من 15 ضحية امرأة، إثر تدافع للحصول على معونات غذائية، إن “ثقافة التكافل تبقى راسخة في التقاليد المغربية، كما تحضر بقوة في المجتمع المغربي، سواء على مستوى الدولة أو المنظمات غير الحكومية، أو الأشخاص. وإن الحملات الطبية وتوزيع المساعدات والمبادرات التكافلية والتضامنية تعد مكونا أصيلا ضمن هذه الثقافة. لهذا السبب، فإن الإطار القانوني التنظيمي الذي أمر به الملك يبقى ضروريا من أجل حماية التقليد العريق للتضامن والتكافل وضمان الأمن”.
وأفاد البلاغ أنه، تطبيقا للتعليمات الملكية المتعلقة بالمحاسبة وبالمبادئ التي يتعين أن تحكم العلاقات بين الإدارة والمواطنين، سيتم الاستماع إلى عامل إقليم الصويرة من قبل القضاء، في إطار التحقيق القضائي الذي فتحته النيابة العامة المختصة، في ظل الاحترام الدقيق للقانون.