من أكبر الكوارث البيولوجية الموجودة حاليا أن لحم السمك والذي يعد من أهم اللحوم على هذه البسيطة، قد يكون نعمة ومصدر للأذى في نفس الوقت.
السمك غني بالمواد الغذائية التي نحتاجها مثل أوميغا-3، ولكن نتيجة لظروف بيئية وظروف من صنع الإنسان بعض أنواع السمك تحتوي على نسبة عالية جدا من الزئبق.
وعلاقة بهذا الموضوع الخطير، كشفت النشرة الأخيرة التي أصدرها المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، التابع لوزارة الصحة، وجود نسبة مرتفعة من مادة الزئبق السامة في بعض الأنواع من الأسماك التي يتناولها المغاربة.
وكشف المركز المذكور في عدد خاص لمجلته toxicologie، أن معدل الزئبق في الأسماك على الشواطئ المغربية، يصل إلى 0,073 ميليغرام في الكيلوغرام.
المركز، والذي خصص نشرته الجديدة بالكامل لموضوع التسممات عبر الزئبق، قال إنه من أصل 36 نوعا من الأسماك التي يتناولها المغاربة، توجد أنواع تحتوي على نسب مرتفعة من الزئبق، بشكل يجعلها خطيرة ومسرطنة.
وأضاف المصدر ذاته، أن أعلى مستويات الزئبق تسجل أساسا في أنواع من قبيل سمك “لابونيت” (0.314 ميليغرام)، سمك “البوري” (0.195 ميليغرام)، سمك “أبو سيف” (0.173 ميليغرام) و”الكلمار” (0.172 ميليغرام) وسمك “القرش” (0.182 ميليغرام).
واعتبر المركز في نشرته أن هذه الأسماك تُعمر طويلا وتوجد على رأس السلسلة الغذائية في مياه البحر، في المقابل، صنّفت النشرة سمك السردين في ذيل الترتيب من حيث نسبة الزئبق، ما يجعله الأقل ضررا على الصحة بـ(0,012 ميليغرام) في الكيلوغرام الواحد، إلى جانب سمك “الروجي” (0.023 ميليغرام)، وسمك “الباجو” (0.026 ميليغرام).
وأكدت مجموعة من الأبحاث، أن الزئبق مضر بالجهاز العصبي ويؤدي إلى التأخر في النمو والصداع والآلام العصبية والعضلية والاكتئاب وضعف الذاكرة والحساسية الجلدية، فتكدس الزئبق في السمك أمر مقلق وخطير عندما تتناوله النساء الحوامل والمرضعات لتأثيره على الجهاز العصبي للطفل والجنين.
كما يحفز التسمم بالزئبق العديد من المشاكل الصحية وتظهر نتيجة له العديد من الأعراض الصحية السيئة.
وفي سياق هذا الجدل الدائر، أفادت دراسة رسمية أنجزها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية أن النسبة المتوسطة للزئبق في منتوجات الصيد على مستوى الساحلين المغربيين، خلال الفترة ما بين 2010 و2016، بلغت 0,073 مليغرام في الكيلوغرام الواحد، أي تحت السقف القانوني المعمول به وهو 1 ميلغرام بالنسبة للأسماك المفترسة و0,5 ميلغرام للأسماك غير المفترسة.
وعلى الرغم من ذلك، حذرت هذه الدراسة التي نشرت بمجلة “توكسيكولوجي ماروك” والتي يصدرها المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، من كون نسبة الزئبق في جميع منتوجات الصيد المفرغة بالمغرب خلال نفس الفترة ارتفعت سنة بعد أخرى، بل تضاعفت، ولخمس مرات أحيانا، إذ انتقلت من 0,02 ملغ/كلغ خلال سنة 2010 إلى 0,127 ملغ/كلغ سنة 2016.
وأوضحت الدراسة أن نسبة الزئبق تختلف من صنف إلى آخر من الأسماك، ويعزى ذلك إلى موقع هذه الأصناف في السلسلة الغذائية، والنظام الغذائي وسن وحجم وطول الأسماك ووسط عيشها إضافة إلى التغيرات الفصلية وقوة التركيز البيولوجي للزئبق.
ورغم نتائج هذا التحليل، ووضع مخطط لمراقبة الملوثات الكيميائية في منتوجات الصيد منذ سنة 2006، والذي يعتبر أداة فعالة للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، فإن الدراسة تدعو إلى اليقظة والتعاون بين مختلف المتدخلين الذين بإمكانهم الاشتغال على مصادر تكون الزئبق.