قد يستهين العديد من الناس بالمواد الكيميائية التي تتواجد بالخضر و الفواكه و التي تنتقل إليها عبر المبيدات الزراعية التي يستخدمها الفلاح للحفاظ على المحاصيل و الحصول عليها بشكل جيد .
و قد يظن البعض أن معظم المواد الغذائية المتوفرة في الأسواق تنتج بطرق تقليدية،و هو ظن خاطىء، لأن الأساليب التقليدية التي كانت تطبق قديما قبل أكثر من ثمانين عاما لم تعتمد على استخدام المواد الكيميائية، بينما الآن أصبح استخدام المواد الكيميائية في الزراعة أمرا طبيعيا، وقد استندت أسباب ذلك إلى إستحالة توفير كميات كافية من المحاصيل لإطعام العالم و توفير أشكال جيدة بمنظر يرضي المستهلك المتحضر دون استخدام المواد الكيميائية، وكذلك للسيطرة على الآفات الزراعية و الأمراض و القضاء على الحشرات التي تصيب المحاصيل ، لذلك نجد أن الزراعة الحديثة في الوقت الحاضر تعتمد على تكثيف الزراعة على نطاق واسع. و بذلك يمكن الحصول على محاصيل أكثر، و نظرا لأن المزارع التكثيفية تتعرض بشكل أكبر لهجوم الآفات الزراعية و انتشارها، و تزداد لعدم استخدام نظام الكوسيستم الذي يحمي المزارع الصغيرة، و بالتالي يمكن أن تتعرض المزارع التكثيفية لخسارة اقتصادية و غذائية كبيرة جدا، لذلك فإن إستعمال المبيدات أمر مهم لمكافحة الآفات الزراعية في المزارع التكثيفية ، كما أن إستعمال التربة بصورة مكثفة نتيجة الزراعة المتكررة قد يسبب إرهاقها وبالتالي تقل خصوبتها و بذلك تنخفض في التربة المعادن و العناصر المهمة للنباتات، و تقل هذه المشكلة عند زراعة محاصيل مختلفة بشكل دوري، وتركها بدون زراعة لفترة من الزمن، لذلك يُستعان بالأسمدة الكيميائية بدرجة أكبر في الزراعة التكثيفية. الشيء الذي يجعل من استخدام المواد الكيميائية يساعد على الإنتاج الكمي و النوعي، و توفير الكميات الغذائية بكميات كبيرة و خالية من العيوب و ذات نوعيات ممتازة هو بفضل الله ثم بفضل استخدام المواد الكيميائية .
إلا أن هذه المواد الكيميائية تشكل خطرا على صحة المستهلك . و بينما يعتبر استهلاك الخضار و الفواكه بكمية وافرة جزء من نظام حياة صحّي، إلا أن احتمالات تلوثها بالمبيدات الزراعية بدرجات تتخطى الحدود الآمنة عند غياب الرقابة على استخدامها يشكل على المدى البعيد خطرا حقيقيا على صحة الإنسان . فما هي الأخطار الصحية للمبيدات الزراعية في الخضر و الفواكه و كيف يمكننا التخلص منها و تجنب خطورتها ؟
استنادا إلى منظمة الصحة العالمية، يعتبر التسمم الحاد بالمبيدات الزراعية مسؤولا عن 20000 حالة وفاة حول العالم. أما التسمم المزمن بالمبيدات الزراعية الذي ينتج عن تخزين السموم الكيميائية و تراكمها على مدى السنين في الخلايا الدهنية للجسم، فهو مرتبط بعدد كبير من الأمراض المزمنة و تشمل الأورام السرطانية، السمنة، السكري، سكري الحمل، الزهايمر، و ضغط الدم المرتفع بالإضافة إلى إختلال في توازن هرمونات الجسم و كذا يسبب العقم.
و يحالفنا الحظ حينما نجد أن درجة تركيز المبيدات الزراعية ليست سواء في كل الخضر و الفواكه حيث أصدرت وكالة حماية البيئة الأمريكية تقريرا حول تركيز المبيدات الزراعية في عينات من الخضار و الفواكه، و كشفت أن أنواع الخضار والفواكه التالية لا تحتوي على كميات عالية من المبيدات إما بسبب سماكة قشرتها فلا تتسرب لها المبيدات بكثرة أو لأنها لا تمتص المبيدات أو أنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة منها، وهي مرتبة فيما يلي بشكل تنازلي حسب مستوى نقائها من المبيدات: الأفوكادو، الذرة الصفراء، الأناناس، الملفوف، البصل، الأسبرجس(، الهليون ) و هو السكوم عند المغاربة ، المانجا، الكيوي، الباذنجان، الجريبفروت( الزنباع )، الشمام( نوع من البطيخ)، البطاطا الحلوة، الفطر، و البطيخ. و يعتبر الأفوكادو أكثر المحاصيل آمانا من المبيدات الزراعية حيث تحتوي عيناته على 1% فقط من بقايا المبيدات.
أما الخضار و الفواكه التي احتوت وفق التقرير نفسه على رواسب مبيدات عالية، فهي مايلي مرتبة بشكل تنازلي إستنادا إلى مستوى تلوثها بالمبيدات: التفاح، الفراولة، العنب، الكرفس، الدراق( الشهدية)، السبانخ، الفلفل الحلو، النكترين، الخيار، البندورة ذات الحبة الصغيرة، البطاطا، الخس، الإجاص، و الجزر. وقد احتوت حبة من العنب على رواسب 15 نوع من المبيدات، مما يجعل العنب وورقه من الأغذية المعرّضة لكميات عالية من السموم الكيماوية. 99% من التفاح احتوى على رواسب نوع واحد على الأقل من المبيدات التي تجد طريقها إلى عصير التفاح و هريس التفاح.
نَصائح للتخلص من المواد الكيميائية السامة في الخضر و الفواكه :
1_ تبدأ الوقاية من خطر هذه المواد من السوق فننصحك باشتراء الخضار أصغر حجما و ذات رائحة نفاذة رائحة الثمار الأصلية لأنها تكون أقل احتواء على السماد الكيميائي، و ذلك أن الثمار الكبيرة الخالية من الرائحة نمت بسرعة فتكون خالية من الإنزيمات و الخمائر الطبيعية الموجودة في الثمرة و التي تعطيها الرائحة , أما التي تنمو طبيعيا فتتشكل فيها الخمائر و الإنزيمات بشكل جيد , و هي التي تعطي الرائحة الزكية للثمرة .
2_ امتنع عن شراء الخضار و الفواكه التي بها خدوش بسبب سهولة تسرّب المبيدات إلى داخل الثمار عبر الخدوش.
3_انقع كل الخضار و الفواكه بالماء و الملح لمدة 10 دقائق فقط ، فهذا يخلصها من المواد الكيماوية المضافة لها أثناء الزراعة , و لا يجب تجاوز 10 دقائق لأنها تبدأ بفقدان الفيتامينات الموجودة فيها .و لكن لا ينبغي تطبيق هذه الطريقة مع الفواكه الدقيقة مثل التوت لأن نسيجه دقيق وقد يمتص الخلّ .
4_ اشطف الخضار و الفواكه جيدا بالماء للتخلّص من المبيدات، حيث كشفت إحدى الدراسات أن غسلها تحت ماء الحنفية و فركها باليد أو بفرشاة يزيل ما يقارب 75% من المبيدات. و ينصح القيام بذلك قبل تناولها مباشرة و ليس قبل حفظها في الثلاجة لأن هذا قد يساهم في تكاثر البكتيريا فيها. أما في حالة قررت غسل الخضار و الفواكه حال شرائها يجب نتشيفها جيدا بعد الغسيل بواسطة فوطة نظيفة من الورق.
5_ لتنظيف الخضار والفواكه الخالية من القشرة مثل البروكولي و الملفوف، ينصح بفصل قطعها أو أوراقها عن بعضها البعض ثم نقعها في سائل يتكوّن من الماء و الخل بنسبة 90% من المياه و 10% من الخلّ. . يمكن إضافة القليل من عصير الليمون لسائل النقع لزيادة درجة التنظيف عند الشك بوجود نسبة عالية من الأوساخ. أما تنظيف الخس فيتطلّب طريقة مختلفة حيث ينصح بفصل أوراقها و نقعها في وعاء من الماء و إضافة القليل من الخل أو الملح لعدة دقائق ثم شطفها ورقة ورقة ووضعها فوق فوطة من الورق لتجف .
6_ قم بتقشير الخضار و الفواكه التي هي في قائمة المحاصيل التي احتوت على المبيدات بدرجة عالية و ذلك للتخلّص من معظم المبيدات فيها، مثل الخيار و الطماطم و التفاح .
7_قد يذهب البعض إلى أبعد من هذا الحرص فيعمد إلى غسل الخضر و الفواكه بالصابون و هو شيء خطير لأن استخدام الصابون في تنظيف الخضار والفواكه يجعل المركبات الكيماوية في الصابون تتغلغل و لو بكميات بسيطة إلى داخل الخضار والفواكه و ذلك عبر مساماتها أو يختبىء بين ثنايا جدرانها.
8_ غسّل يديك بالماء و الصابون قبل و بعد تنظيف الخضار و الفواكه أمر مهم و كذلك بعد تناول الموز و ذلك للتخلّص من رواسب المبيدات الموجودة في القشرة و التي قد تكون قد علقت على يديك عند تقشير الموز .
9_ و أخيراً ننصحك بعدم إهمال هذا الموضوع و غسل الفاكهة و الخضار بالطريقة الصحيحة لإزالة نسبة تفوق الـ 70% من المواد الكيميائية المضرّة للصحة و بالتالي الحفاظ على سلامتك وسلامة عائلتك من أضرارها .
شكرا جزيلا لموضوعك المفيد اشكرك مرة اخرى
إعجابكِ أختي مريم بمحتوى مجلة لأجلكِ يزيدنا فخرا ويلزمنا مزيدا من العطاء،
فضلا وليس أمرا كوني إحدى سفيرات مجلتنا لأجلكِ