لم تكد تهدأ الضجة التي أثارها شريط فيديو قصير يوثق حادثة اعتداء تلميذ على أستاذه في مدينة ورززات جنوب المغرب، بداية الشهر الجاري، والذي خلف صدمة كبيرة في نفوس رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والأطر التربوية التي خاضت إضرابا لمدة يومين، حتى وقعت حادثة جديدة ضحيتها هذه المرة أستاذة في السلك الثانوي، حيث أقدم تلميذ قاصر على تشويه وجه أستاذته بواسطة سلاح أبيض.
نفس الواقعة تكررت بمدينة فاس وسط المملكة لكن بسيناريو مختلف، وقبلها بأيام لفظ أستاذ أنفاسه الأخيرة بمدينة بركان شرق المغرب، متأثرًا بضربة تلقاها على رأسه بواسطة آلة حادة بينما كان يحاول فض اشتباك بين متدربين أثناء الحصة.
كل هذه الحوادث تعيد إلى الواجهة ظاهرة العنف المدرسي، التي تشهدها بالخصوص مؤسسات التعليم والتكوين العمومية، وهو العنف الذي أصبح يتخذ أشكالاً مثيرة للقلق سواء للأطر التربوية والفاعلين الجمعويين أو لأولياء أمور التلاميذ.
ونتيجة لتزايد حالات العنف غير المسبوقة في حق نساء ورجال التعليم، قررت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في المغرب، الخروج في مسيرات حاشدة، يوم الأحد القادم، في جل ربوع المملكة، احتجاجاً على استهداف السلامة الجسدية للأطر التربوية والإدارية من طرف التلاميذ.
وتُحمل الأطر التربوية حكومة سعد الدين العثماني، مسؤولية تزايد ظاهرة الاعتداء على الأسرة التعليمية بسبب محدودية تدخلها، وعجزها عن إخراج القانون الإطار لمعالجة “مظاهر العنف المدرسي”.
وعبّرت النقابات التعليمية بالمغرب في بيان مشترك، عن حنقها من الاعتداءات الجسدية التي تطال أطر أسرة التعليم في المغرب بشكل مطرد ومتصاعد، مخلفة جروحا خطيرة وغائرة واستياء عميقا وسط الجسم التعليمي خصوصا والمجتمع المغربي كافة.
ودعت النقابات إلى تفعيل دور القضاء باعتباره ضامنا للحقوق، وترك البعد التربوي للجهات المعنية مع اعتماد المقاربة الوقائية على مستوى الأمن العام من خلال تأمين فضاءات المؤسسات التعليمية ومحيطها والمطالبة بإخراج قانون يحمي ممارسة مهنة التربية والتعليم.
من جانبها أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم، مذكرة وزارية “أرست مجموعة من المبادئ الأساسية، من أهمها اعتبار العنف بالوسط المدرسي، بكل أشكاله، سلوكا منبوذا بكل المقاييس”.
وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت الوزارة الوصية على قطاع التربية توجيهاتها إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية من أجل تنصيب نفسها طرفا مدنيا، وفقا للقوانين الجاري بها العمل، في الدعاوى ضد كل من تسبب في إلحاق ضرر بنساء ورجال التعليم أثناء القيام بمهامهم.