كشفت المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الاثنين 29 غشت 2017، عن نتائج البحث الوطني “حول انتشار العنف ضد النساء”، والذي أنجزته سنة 2009.
وأوضحت المندوبية، أن المرأة المغربية، ليس بمقدورها دائما، وفي المدن أكثر من البادية، ولوج الفضاءات العامة بكل أمان وطمأنينة والاستمتاع بها على قدم المساواة كالرجال، وذلك بسبب العنف بجميع أشكاله الذي قد يمارس ضدهم بهذه الفضاءات.
وبحسب نتائج البحث الوطني، فإنه من أصل 5,7 مليون امرأة بالمدن تتراوح أعمارهن بين 18 و64 سنة، تعرضت ما يناهز 2,3 مليون امرأة من بينهن، أي ما يعادل 40,6 في المائة، في فضاء عام بمدينتهم لفعل واحد على الأقل يصنف ضمن أفعال العنف، وذلك خلال فترة الـ12 عشر شهرا السابقة للبحث.
وأضاف المصدر، أن أكثر أشكال العنف شيوعا هو العنف النفسي، والذي يؤثر على 1.9 مليون امرأة، أي ما يقرب من ثلث النساء الحضريات (32.1 في المائة)، ويحتل العنف البدني المركز الثاني حيث يبلغ عدد ضحايا العنف 808 ألف امرأة أي 14.2 في المائة من النساء الحضريات.
وحسب نوعية أفعال العنف التي تتعرض لها النساء بالفضاءات العامة بالمدن، يأتي التحرش دون الاعتداء على حرمة جسد المرأة (دون لمس) في المرتبة الأولى بمعدل انتشار ℅26,7، يليه في المرتبة الثانية أفعال السب والشتم والإهانات ثم سرقة الأغراض الشخصية باستخدام القوة (بمعدل ℅11,6 لكل منهما)، تليها الاعتداءات الجسدية (الصفع والضرب بمختلف أشكاله وغيرها بنسبة ℅1,8 والاعتداء باستعمال أداة حادة أو مادة خطيرة ثم التهديد بالاعتداء باستعمال أداة حادة أو مادة خطيرة (مادة حمضية مثلا) ب ℅1,5 لكل منهما.
وبحسب نتائج البحث الوطني، فإنه كلما ارتفع مستوى تعليم المرأة، زاد معدل الاعتداء عليها، وبحسب الأرقام الرسمية، فإنه وتتراوح هذه النسبة بين 29 في المائة من غير الحاصلين على تعليم، و40.6 في المائة من الذين حصلوا على التعليم الابتدائي، و57.9 في المائة ممن لديهم مستوى تعليم عالي.
وذكرت المندوبية، في مذكرتها، أن النساء اللواتي يرتدين ملابس عصرية قصيرة، خارج منازلهن هن عرضة للعنف أكثر من غيرهن.
ويبلغ معدل انتشار العنف بالفضاءات العموميىة بالمدن لدى هذه الفئة 75,5 في المائة مقابل 61 في المائة لدى اللواتي ترتدين غالبا ملابس طويلة دون غطاء الرأس، وما يقرب من ℅34 لدى من ترتدين الجلباب أو ما يعادله من اللباس المحلي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور والباحث في علم الاجتماع علي شعباني، في تصريح خاص لموقع “لأجلكِ”، إن التغيرات والتحولات الديموغرافية التي شهدها المغرب لم يستوعبها البعض، وحتى مسألة الانتقال لم تشهد سلاسة، فكانت الضحية بالدرجة الأولى هي المرأة ،”لأن بعض النساء انفتحن أكثر من اللازم وسبقن الأحداث وتبنين قيما أكثر مما هو مُعتمد، فكان لا بد أن تتولد ردود أفعال عنيفة من فئات اجتماعية أخرى، ولذلك بتنا نرى تفاقم الاعتداءات النفسية والجسدية في حق المرأة”.
وأكد علي شعباني في تصريحه، أن “المجتمع المغربي واقعه مرّ، يعاني من البطالة والأمية والجهل والتهميش والإقصاء، ضحيته المراهقين والشباب، بصفتهم أفراد من هذا المجتمع، فتتحول هذه المعاناة إلى جرائم في حق المرأة وباقي مكونات المجتمع، يمارسها أناس جهلة، يحسون بأن لا مكان لهم في هذا المجتمع، فيحاولون إثبات وجودهم بالجريمة، وقبل أن يكون هؤلاء مجرمين فهم ضحايا وضع سياسي واقتصادي بالمجتمع المغربي، ويجب معالجة هذا الوضع”.
ودعا المتحدث، الدولة المغربية إلى “تقليص الفوارق الاجتماعية وسن قوانين تضمن كرامة الإنسان، حتى يحس بأنه مواطن وأنه ينتمي إلى وطن له قيم ومؤسسات وقوانين وعليه أن يسير وفقها فإذا لم تتحقق هذه الأمور ستتكرر هذه الجرائم مادمنا نعيش أوضاعا تكرس الجهل والأمية، وعدم الاعتراف بالمواطن”.
واعتبر الدكتور علي شعباني، القراءة التي خرجت بها المندوبية السامية للتخطيط صحيحة، خصوصا تلك التي تتعلق بنوعية النساء التي تتعرض للتعنيف بشكل أكبر.
وفسر الباحث في علم الاجتماع الأسباب التي تجعل من المرأة المتعلمة عرضة للاعتداء أكثر من غيرها، إذ في اعتقاده أن “المرأة بقدر ما كانت واعية بقدر ما نادت بحقوقها وبأمور تستفز الرجال، خصوصا الذين لا يستوعبون هذه الأمور”.
كما اعتبر تعرض المرأة المتحررة للاعتداء أكثر من المحجبة أمر طبيعي “لأن مجتمعنا محافظ وفيه نسبة عالية من الكبث، وفيه الكثير من العقد”.
وأكد علي شعباني، أن هناك سبيلين اثنين لا مناص منهما لحماية المرأة. الطريق الأول هو التعليم، بنشره على جميع الفئات، وأن يكون عادلا يغطي كل الفئات الاجتماعية في المجتمع المغربي، وأن يكون صادقا وينشر قيم المواطنة لذا وجب الاشتغال على المدى المتوسط والبعيد لضمان جيل عاقل بالقضاء على الأمية”.
أما الطريق الثاني، فهو مرتبط بتحقيق الديمقراطية، حتى يحس المواطن المغربي أنه يعيش في وطن يحميه ونظام يوفر له كل الأشياء التي يسعى تحقيقها كي يجد ضالته.