تعتبر تربية الأبناء مهمة عظيمة و لها أثر و أجر في الدنيا و الآخرة و قد لا يدرك الآباء عظم هذه الأمانة الملقاة على عاتقهم التي توجب عليهم المحاسبة أمام الله على فلذات أكبادهم و رعايتهم إنطلاقا من قوله صلى الله عليه و سلم ” كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته ” و من هذا المنطلق وجب الحرص من الوالدين على تربية أبنائهم تربية سليمة وفق منهج سليم على ضوء الكتاب و السنة دون إقحام مخلفات العادات و التقاليد إلا ما كان منها سليما يوافق الفطرة و يقوم سلوك النشأ .و تعتبر تربية البنات شرف عظيم تأسيا من المسلم برسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و التسليم ،فقد كان له أربع بنات رباهن و أدبهن و أحسن تربيتهن و سقى شجرتهن حتى أثتت أكلها طيبة الثمار كفاطمة رضي الله عنها و أم كلثوم و زينب و رقية .
في غالب الأسر العربية المسلمة نجد أن تربية الأبناء مهمة ملقاة على عاتق الأم و لا يتشاطرها الوالدان بدعوى أن مهمة الأب هي الكدح و جلب الرزق . و هي حقيقة نسبية لا تخلي ذمته من آداء مهمته كمربي من خلال تربية أبنائه تربية حسنة .بعيدة عن التسلط و التجبر الذي نراه في بعض البيوت و الذي يهدم أكثر مما يبني .
علاقة الأب بابنته :
الأصل الذي يجب أن تكون عليه علاقة الأب بابنته هو الألفة و المحبة و ليس الخوف و الرهبة ،الذي يدنس هذه العلاقة و ينحى بها منحى الكذب و المراوغة و التدليس ،فحينما تخاف الفتاة من والدها لا تصادقه و لا تصارحه و تكون نظرتها لهذا الوالد نظرة رهبة و ليست نظرة هيبة , لتكن علاقة صداقة مبنية على الإحترام فلا نرهب كثيرا و لا ندلل كثيرا .لأن الدلال الزائد للفتاة يجعل منها أكثر اتكالية و مادية .ليكن التدليل بالعواطف و المحبة ،ليس بالمال و الأغراض .
كيف أصادق ابنتي :
لتصادق ابنتك تحدث إليها كثيرا منذ صغرها ، اعقد النية و أخلصها لوجه الله و ابتغ بتربيتها رضى الله و رفقة الحبيب صلى الله عليه و سلم في الجنة .
امنحها الحب و المشاعر الصادقة منذ أن تكون في أحشاء والدتها ،فهي تميز صوتك في شهرها السادس داخل الرحم ،املأ الفراغ الذي في تلك المضغة بحب الله و حبك .حتى لا يغرر بها يوما ما باسم الحب . حتى لا يكون قلبها خليا فيملأه حب زائف .
أكرمها على قدر استطاعتك و لتكن هداياك مغلفة بالحب و الود ، لا تكن تلبية لطلبات فقط فتصير في نظرها مصرف أنا ضغطت الزر أخرج المال .
ليكن الجو السائد في البيت هو الإحترام و الحب و الود و الصراحة ،كي تتخلق الفتاة بهته الأخلاق و تسهل تربيتها .
لا توبخها كثيرا فتخاف و لا تهمل العتاب حتى تسيب ،ليكن منهجك وسط في كل شيء .
علمها و هي تلعب ،و أدبها و هي تمرح .فقد ترسخ في ذهنها الكثير بمواقف عابرة .
كن أنت القدوة ، و كن لها الأب الذي تعجب به فكل فتاة بأبيها معجبة .
مهما صنعت ازرع فيها الأمان كي تلوذ إليك في كل نازلة ،و هذا هو الأصل الذي يجب أن تبنى عليه الأسر كي تتعامل بحكمتك قبل أي شيء قد يصيبها .فلا يكون خوفها مانعا من مصارحتك بما يصادفها في حياتها .
اعلم حدود سلطتك ، فرق بين التودد و الحزم و بين اللين و الشدة و بين الضعف و الخور و القوة .