الرهاب (Phobia) هو خوف زائد و غير مبرر و مستمر من شيء أو ظرف أو وضع حياتي معين و واضح لدى المريض المصاب بالرهاب و غالبا ما تصحب هذا الخوف رغبة ملحة في تجنب هذه الأشياء أو الأوضاع. و تعد أمراض الرهاب بشكل عام من أوسع الأمراض النفسية انتشارا فقد تصل نسبة انتشارها إلى 25% من الناس كما أشارت بعض الدراسات . و لها أشكال متعددة و درجات متفاوتة في الشدة و لكنها تشترك في عنصر الخوف الزائد و الغير مبرر من شيء ما. و تؤدي أمراض الرهاب لمضاعفات كالإكتئاب و العزلة و الإدمان بأشكاله خاصة إذا لم تعالج . و تعتبر من الأمراض النفسية المسببة للإعاقة وظيفيا و مهنيا و على مستوى المسئولية العائلية.
الرهاب الاجتماعي Social Phobia :
هو الخوف القوي و المستمر من الوضع أو النشاط الاجتماعي الذي يتوقع منه الإحراج في مكان يحتوي على عدد من الناس حول المريض كالمطاعم و المدرسة ،العمل و الحفلات الصغيرة و الحديث مع شخص آخر و بالذات الغرباء و ذوي النفوذ . وليست الأماكن التي تحوي أعداد غفيرة من الناس كالأسواق الكبرى و المزدحمة.
إن المصاب بهذا الرهاب المريض يشعر أن خوفه مبالغ فيه و ليس هناك ما يدعو له غير أنه لا يستطيع التحكم و السيطرة عليه . يؤدي هذا المرض للكثير من الشعور بالضيق لدى المريض كما أنه قد يؤدي إلى عرقلة الكثير من نشاطاته الحياتية اليومية و قد طموحه في النجاح و التقدم في حياته نتيجة لانعدام الثقة بالنفس و عدم القدرة على الإنخراط في الأنشطة الاجتماعية.
تتراوح نسبة انتشار هذا المرض بين 3 و 13% . لكن هذا لا يعني أن كل هذه النسبة سوف تتوجه للطبيب النفسي طلبا للعلاج بل أكثر المصابين يحاولون التغلب على أعراض المرض بأنفسهم أو يستسلمون للمرض بشكل كامل مع شدة معاناتهم منه. عادة يصاحب الرهاب الاجتماعي مرض نفسي آخر كأمراض القلق والاكتئاب والوسواس القهري وسوء استعمال المخدرات. فقلما تجد حالة مريض بالرهاب تخلو من هذه الأمراض أو أعراضها على أقل تقدير.
أسباب الرّهاب الإجتماعي :
غالبا ما يصاب المريض بالرهاب في سن صغيرة و بالذات في سن المراهقة و لكنه قد ينشأ بشكل غير ملحوظ في سن الطفولة المبكرة.
و مع أنه لا يوجد سبب معين معروف لحد الآن لهذا الإضطراب النفسي رغم شيوع حالاته و تعدد صوره الإكلينيكية إلا أن العوامل الوراثية و البيئية تلعب دورا كبيرا في نشوء أعراض المرض أو تحديد صوره على الأقل.
عَوامل نَفسية :
يظن بعض الباحثين أن سلوك الوالدين الذي يتراوح بين الإهمال الزائد أو الإهتمام الزائد عن الحد له دور في ظهور السلوك المتسم بالخجل الاجتماعي و الانطوائية. حيث توجد نسبة لا بأس بها من آباء المرضى المصابين يتسمون برفض و نبذ أبنائهم و عدم إظهار العاطفة اتجاههم بشكل كافي . كما قد يكون السبب نشوء الأشخاص المصابين بالرهاب الاجتماعي في بيئة أو بيت يدعم السلوك الخجول و لا يشجع على النشاط الاجتماعي و المشاركة فيه . ويسود الاعتقاد أن الأبوين في أسرة المريض بالرهاب الاجتماعي يعانون من اضطراب الهلع (Panic Disorder) والذي يتبلور على شكل خجل لدى الأولاد حينما يكبرون.
اضطراب نسب النواقل العصبية :
قد يكون السبب في هذا المرض هو اضطراب نسبة الأدرينالين عند المصابين بالرهاب الاجتماعي. فقد تفرز كمية أكبر من الطبيعية من مادة الأدرينالين طرفيا و مركزيا أو أن مستقبلات الأدرينالين لديهم تتميز بحساسية مفرطة لهذه المادة . حيث أثبت استعمال قوافل مستقبلات الأدرينالين من نوع بيتا مثل (الإنديرال Inderal )، أو (بروبرانولول Propranolol) من طرف بعض المصابين عند الحاجة لخوض تجربة اجتماعية محرجة أو صعبة أو مقلقة مثل إلقاء خطبة عامة أو أداء امتحان صعب تحسن لديهم .
و كذلك اضطراب الدوبامين حيث أثبتت الدراسات المتكررة وجود اضطراب في مستوى الدوبامين لدى المصابين بالرهاب الاجتماعي
كما يكون لعامل الوراثة نصيب في الإصابة بهذا المرض حيث يصاب أقارب المصابين من الدرجة الأولى ثلاثة أضعاف الناس الذين ليس لهم أقارب من الدرجة الأولى غير مصابين بالرهاب الاجتماعي. كما أن نسبة وجود المرض في التوائم المتطابقة أكبر بكثير من التوائم غير المتطابقة .
كيفية التّغلب على الرّهاب الإجتماعي
معظم الذين يعانون من الرهاب الإجتماعي ربما يكونوا قد تَعرضوا لنوع من التخويف في صغرهم و يعتبر التجاهل و المثابرة و تصحيح المفاهيم حول الخوف هو أول خطوة لتجاوز عقبة الرهاب الإجتماعي فهناك من يعتقد أن هذا المرض سببه الجُبن و هو ليس كذلك فقد تجد مرود أسود يخاف من القطة .
قد يصاحب هذا الرهاب احمرار بالوجه و الشعور بالدوخة و تسارع في ضربات القلب، و هي أعراض فسيولوجية مُصاحبة للمخاوف، لأن الإنسان حين يشعر بالخوف لا بد أن يُحضِّر نفسه جسديًا من أجل أن يهرب من هذا الموقف، و لذا يفرز الجسم مادة تُسمى بالأدرينالين، وهذه تؤدي إلى تسارع ضربات القلب ليزداد ضخ الدم و يرتفع تركيز الأكسجين في العضلات ليُساعد الإنسان على الهروب من الموقف.و هي عملية فسيولوجية تعويضية بحتة لا يحس بها غيرك .
و الأمر العلاجي الآخر المهم جدا هو أن تُعرضي نفسك للمخاوف، و التعريض يكون أولاً في الخيال، بأن يتصو الشخص أنه في تجمُّعٍ كبيرٍ، و أنه قد طُلب من أن يلقي درسًا أو محاضرةً أمام مجموعة كبيرةٍ جدًّا من الناس، أو أمام الطلبة و في حضور الأساتذة و الدكاترة و هذا يسمى التعرض في الخيال، فإذا سخر الشّخص خياله بصورة جيدة و سلسة و جادة فسيساعده هذا التمرين كثيرًا جدًّا. الإلتلجاء للتطبيق العملي، مهم جدا، و ذلك باختراق مكامن الخوف و القيام بفعل الضد، و ذلك عبر الإختلاط بالناس، و التفاعل معهم.
تمارين الإسترخاء تمارين جيدة و مفيدة و مهمَّةٌ جدا .في بعض الأحيان هنالك أدوية مضادة للخوف و الرهاب الإجتماعي، لكن لا ينصح باستعمالها لمن هم دون العشرين. إلا باستشارة طبيب مختص .